الأربعاء، ١٢ أغسطس ٢٠٠٩


الدكتور سيد القمنى والدكتور عصام شمورْت



* أسامة غريب

أثارت جائزة الدولة التقديرية التى منحتها وزارة الثقافة للأستاذ سيد القمنى لغطاً كثيراً بين أوساط المثقفين وغيرهم فى المجتمع المصرى. فمن قائل إن القمنى هو إله التنوير عند المصريين الجالسين فى قهوة البستان وبين قائل إنه يستحق الرجم فى منى والمزدلفة.

والحقيقة أن سيد القمنى هو حالة بذاتها تستحق التفكير والتأمل. والحقيقة أيضاً أننى لست ذلك الشخص الذى يفكر فى سيد القمنى أو يتأمل فى سيرته، لكن هناك شخصاً آخر هو الذى لا يكف عن تدوير أسطوانة القمنى كلما قابلته. ذلك الشخص هو طيب الذكر الدكتور عصام شمورت بياع البرشام وصاحب كشك السجاير المجاور لقهوة كوكو بالهضبة الوسطى.

ولعصام شمورت دقات جدعنة حفرت اسمه وسط مشجعى أبو صليبة (اسم صنف من المخدرات ) بحروف من نور، منها أنه أول تاجر برشام ( مخدر) يطهّر ماله ويزكيه بإذابة عشرين قرصاً كل طلعة شمس فى الزير الذى يضعه سبيلاً بجوار الكشك ويتركه للعابرين يروون ظمأهم منه، الأمر الذى جعل شعبيته ترتفع فى أوساط السواقين الذين كسروا الزير أكثر من مرة أثناء تدافعهم للشرب منه.

ولا يستغربن أحد من أن يسبق اسم شمورت اللومانجى لقب دكتور، ذلك أنه حاز اللقب عن استحقاق ومن حر ماله ولم يتكرم به أحد عليه. ولئن كان سيد القمنى قد حصل على الدكتوراه بمائتى دولار من جامعة كاليفورنيا الجنوبية، فإن الدكتور عصام شمورت قد حصل عليها من جامعة جنوب مقديشيو مقابل حلة محشى كاملة حصل عليها القراصنة الصوماليون الذين منحوه الدكتوراه!.

والحكاية أن شمورت كان ذات يوم على مركب تهريب يتسلم شحنة مخدرات من المياه الدولية عندما اعترضهم زورق مسلح عليه جنود صوماليون قاموا بسحب المركب وأخذوهم رهائن. والثابت أن شمورت ورفاقة لم ينتظروا أن يتدخل الدكتور نظيف ويفاوض الخاطفين أو أن يتدخل أهل الخير ويجمعوا مبلغ الفدية بعد صلاة الجمعة، وإنما قاموا بافتداء أنفسهم بحمولة الكيف التى تخلوا عنها كاملة للقراصنة مقابل حريتهم، وعند الرحيل ترك عصام لهم حلة المحشى التى طبختها له أخته عواطف شمورت وزودته بها قبل السفر.

وإزاء حركة الكرم هذه لم يجد زعيم القراصنة سوى أن يكافئه بمنحه الدكتوراه من جامعة جنوب مقديشيو التى يشرف شخصياً بعمادتها.. ومن يومها وعصام شمورت يعلق الشهادة فى الصالون. لكن الذى كهرب دماغ الدكتور شمورت وجعل نافوخه يشتعل هو أنه سمع أن صاحب دكتوراه مثل التى معه قد فاز بأرفع جائزة مصرية فى العلوم الاجتماعية ومعها مائتا ألف ذهوب صاحى.

كذلك عرف أن الجهة التى رشحته للجائزة هى كوفى شوب فى وسط البلد يقدم أحلى سحلب بالبندق، وهو ما أثار أطماع شمورت فى أن تقوم قهوة كوكو بترشيحه فى العام القادم للحصول على جائزة مماثلة، خاصة وقد أخبروه بأن السادة الذين يمنحون أصواتهم للمرشحين أغلبهم موظفون إداريون وبعضهم لم يقرأ كتاباً فى حياته، وحتى المثقفين منهم لا يطلعون على الإنتاج العلمى للمرشح، والأهم أن أفقهم رحب للغاية، ولذلك لا يعنيهم إذا كان حاصلاً على شهادة مضروبة من عدمه ولا يرون فى شراء الشهادات المزورة ما يجرح نزاهة المرشح!

كذلك تطاول على دين المسيحيين ووصف السيدة العذراء البتول بأوصاف مشينة!. كانت فرحة شمورت طبيعية لأن سب الدين كان جزءاً أساسياً من مفرداته فى التعبير والإقناع وتبادل الحوار ووجهات النظر مع أخته السيدة عواطف شمورت وزوجها قدّورة.

هذا وقد أعرب عصام عن ضيقه من السادة الذين هاجموا الرجل ويريدون سحب الجائزة منه، ولم يكتفوا بذلك وإنما حصلوا على فتوى من دار الإفتاء تدين الرجل وتستنكر حصوله على الجائزة، وأدرك، بفطرته الملوثة، أنهم بالضرورة من أنصار الظلام أعداء الإضاءة والكهارب والزينات، ولكن أعجبه موقف بعض المفكرين الأقباط الذين يحبون القمنى ويحتفون به وبآرائه العلمية عن وحشية الإسلام وبربرية أصحابه..

أعجبه موقفهم عندما ووجهوا بأن القمنى كتب عن السيدة العذراء مريم الطاهرة البتول أنها منذورة للعهر المقدس، وأسعده أنهم ترفعوا عن الغوغائية واتخذوا موقفاً استنارياً كلوباتياً يحفظ للدولة المدنية كيانها وقالوا: لا نستطيع التعليق على هذا الكلام لأننا لم نقرأه!..


ورفض عصام شمورت الكلام الفارغ القائل إنهم كانوا سيغفرون ليوسف زيدان رواية عزازيل التى أغضبتهم لو أنه كتب إلى جانبها بضعة أشياء لطيفة عن الإسلام كما فعل القمنى.

والآن هل هناك من يساند الدكتور عصام شمورت فى سعيه المشروع لنيل جائزة الدولة التقديرية للعام القادم؟ وهل إذا تخلت عنه قهوة كوكو نتيجة حزازيات قديمة ولم تقم بترشيحه.. هل يستطيع الاعتماد على كيانات ثقافية أخرى فى وسط البلد مثل قهوة ريش والجريون والنادى اليونانى واستوريل وأفتر إيت؟



*كاتب مصري
جريدة المصري اليوم
6/8/2009

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق