إقامة الدولة الإسلامية، التى هي دولة الخلافة وهي التى تطبق أحكام الإسلام التى أناط الإسلام تطبيقها بمجموع الأمة ولا يتصور القيام بها فردياً أومن قبل جماعة ليس لها كيان دولة، أو التى نص الشارع صراحة على القيام السلطان بها كقوله عليه الصلاة والسلام: «السلطان ولي من لا ولي له»، يعنى في الأنكحة والمواريث. لذلك لا يمكن تطبيق الإسلام، في الداخل وحمل الدعوة الإسلامية الى العالم بالجهاد، إلا بوجودها. ولذلك كان ايجادها، إذا لم تكن موجودة، من أوجب الواجبات وآكد الفروض لإستحالة تطبيق أحكام الإسلام في الداخل والخارج وتعذر الجهاد إلا بها.وهذه الحالة حالة عدم وجود الدولة الإسلامية ـ دولة الخلافة ـ حالة محرمة شرعاً، لأنها تعنى انقطاع الحياة الإسلامية، وإبعاد الإسلام عن الحياة في الداخل، وعن العلاقات الدولية في الخارج، وهي حالة يأثم المسلمون بالسكوت عليها وعدم العمل على تغييرها، بل إنها تعني ترك الحكم بما أنزل الله، والسكوت على ظهور الكفر البواح والرضا به، كما يعنى ذل الإسلام، ووقوف الجهاد، واستباحة دماء واعراض واموال المسلمين، كما هو حالنا اليوم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم. لذلك كان العمل على استئناف الحياة الإسلامية باعادة دولة الخلافة الإسلامية من أوجب الواجبات وأهم المهمات، بعد ما فرض الله على كل فرد مسلم من اركان الإسلام التى يجب القيام بها على كل فرد مسلم، بغض النظر عن وجود دولة الخلافة أو عدمها. والعمل على إقامة الدولة الإسلامية وإن كان يتداخل جزئياً مع أعمال حمل الدعوة الإسلامية وكذلك مع أعمال الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر إلا أنه يتباين معهما وله أحكام محددة مستنبطة من الكيفية التى التزم بها النبى صلى الله عليه وسلم في حمل الدعوة في العهد المكى حتى اقامة الدولة في المدينة. فأول الخطوات على طريق الوحدة أذن هو إقامة دولة الخلافة الإسلامية في أي قطر من أقطار المسلمين ويشترط لذلك القطر: أولا: أن يكون السلطان الداخلى والقوة الفعلية بأيدى المسلمين لا بأيدى الكفار، وحمايته بجنود المسلمين. ثانياً: أن يكون مستقلاً تام السيادة من الناحية الدولية فلا يجوز أن يكون مستعمراً أو محمياً، أى أن تكون الحماية والمنعة والأمن والسيادة الدولية بيد أهل ذلك القطر،أما الشرط الثاني فهو ينطبق نظرياً على كافة بلاد المسلمين لعدم وقوعها ــ حسب القانون الدولي ـ تحت الأستعمار، أو الحماية الأجنبية، وذلك باستثناء البعض مثل فلسطين، التى ترزح تحت الإستعمار اليهودي الاستيطاني، أما السعودية الآن فهي وأن لم تكن مستعمره من ناحية القانون الدولي نظرياً، إلا أنها مستعمرة بالفعل، تخضع للسيادة الأمريكية وتتمتع بالسيادة الحقيقية ـــ وإن امتنعوا عن ممارستها ظاهرياً لأسباب دولية وداخلية ـــ ولكن لا شك في أنهم يمتلكونها حقيقة، ويستطيعون فرضها إن شائوا، متى شائوا. فاذا استكمل القطر هذين الشرطين اصبح صالحاً ــ من حيث المبدأ ــ لأن تنعقد فيه الخلافة بمبايعة إمام للمسلمين فيه، ولا تكون هذه البيعة معتبرة إلا بشرطين بالإضافة إلى ما سلف وهما: أولاً: أن يكون الخليفة المبايع مستكملاً شروط انعقاد الخلافة، وأن لم يكن مستوفياً شروط الأفضلية، لأن العبرة بشروط الإنعقاد، وهي أن يكون مسلماً بالغاً عاقلاً حراً ذكراً عدلاً، ثانياًً: أن يبدأ حالا بمباشرة تطبيق الإسلام كاملاً تطبيقاً انقلابياً شاملاً، وأن يكون متلبساً بحمل الدعوة الإسلامية. وذلك لأنه ثبت بالتواتر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطبق كل حكم شرعى فور نزوله من الله تعالى، حتى نزل قوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا}، فأصبح الإسلام كاملاً ثابتاً إلى يوم القيامة واجب التطبيق فوراً.قاعدة: يجب تطبيق الإسلام كاملاً، ودفعة واحدة، ويحرم التدرج في تطبيق أحكامه فبعد نزول قوله تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم}، أصبح المسلمون مطالبين بالعمل بجميع الأحكام الشرعية، سواء كانت تتعلق بالعقائد أو العبادات أو الأخلاق، أو المعاملات، أو تتعلق بالحكم، أو الإقتصاد، أو الإجتماع، أو السياسة الخارجية في العلاقة بالشعوب والأمم والدول في حالتى السلم والحرب، إذ لا فرق بين حكم وحكم، ولا بين واجب وواجب، ولا بين حرام وحرام. فكما يجب أن نقوم بالصلاة والصيام والزكاة، كذلك يجب أن نقوم بتنصيب خليفة، وبإزالة أحكام الكفر، والحكم بما أنزل الله. وكما يحرم علينا شرب الخمر وأكل الربا، كذلك يحرم علينا السكوت على الحكام الظلمة والفسقة، كما يحرم علينا السكوت على تطبيق أحكام الكفر، وموالاة الدول الكافرة. فيجب أن يقام بالإسلام كله، وأن يطبق جميعه، ولا يجوز التدرج في تطبيقه، لأن المسلمين مطالبون بتطبيقه كاملاً. قال تعالى: {وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}، أي يجب عليكم أن تأخدوا جميع ماجاءكم به الرسول من الواجبات، وأن تبتعدوا عن جميع ما نهاكم عنه من المحرمات، لأن (ما) في الآية من صيغ العموم. فتشمل وجوب أخذ جميع ما آتاكم من المأمورات، ووجوب الإنتهاء عن جميع المنهيات، كذلك قوله تعالى : {وأن احكم بينهم بما أنزل الله} فهو أمر للرسول، صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولمن بعده من الحكام أن يحكموا بجميع ما أنزل الله من الأحكام، لأن (ما) في الآية من صيغ العموم. وقد نهى الله في الآية الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والحكام من بعده عن اتباع أهواء الناس، كما حذره والحكام من بعده، أن يفتنهم الناس عن بعض الأحكام التـي انزلها الله. وقد جعل الله من لم يحكم بجميع ما أنزل من الأحكام كافراً وظالما وفاسقاً، لأن (ما) الواردة في آيات الحكم الثلاث عامة لجميع الأحكام المنزلة، لأنها من صيغ العموم. والرسول صلى الله عليه وسلم أوجب قتال الحاكم، وإشهار السيف في وجهه إذا أظهر الكفر البواح، الذي عندنا من الله فيه برهان أي إذا حكم بأحكام الكفر ولو حكماً واحداً، كما ورد في حديث عبادة بن الصامت: «وأن لاننازع الأمر أهله، إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان». لذلك لا عذر في عدم تطبيق أحكام الإسلام جميعها، ودفعة واحدة، ودون تدريج بحجة عدم القدرة على تطبيقه، أو عدم ملائمة الظروف للتطبيق، أو لعدم تقبل الرأي العام الدولي بذلك، أو لعدم قبول الدول الكبرى، أو غير ذلك من الحجج الواهية فكلها أعذار وحجج واهية لاقيمة لها. وكل من يحتج بها ويتخذها عذراً في عدم تطبيق الإسلام كاملاً، فلن يقبل الله من صرفاً ولا عدلاً. __________________أَأُعُابُ أَنْ صَارَحْتُـكُمْ بِحَقِـيقَةٍ *** هِيَ أَنَّ شَرَّ عِدَاتُنَا الحُكَّامُمِنْ كِـلِّ زِنـدِيقٍ وَيَدِّعِي أَنّـَهُ *** للمُـسْلِمِينَ خُوَيْدِمٌ وَإِمـَامُ!!يَتَـظَاهَرُونَ بِأَنَّهُمْ عَـوْنٌ لَنَـا *** فِي حِينِ هُم دَاءٌ لَنَا وَحِمَامُجَيشُ النَّصَارَى مَدُّهُ اجتَاح الدُّنَا *** أَيْنَ التَّقِيُّ الشَّهمُ والمِقـدَامُ
__________________
لعمرك ماضاقت بلاد بأهلها************ولكن أخلاق الرجال تضيق
لعمرك ماضاقت بلاد بأهلها************ولكن أخلاق الرجال تضيق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق